اقوال الشيخ يوسف القرضاوي
يوسف القرضاوي (1926-2022) هو عالم دين وفقيه إسلامي مصري-قطري، يُعد من أبرز العلماء في العالم الإسلامي في العصر الحديث. وُلد في قرية صفط تراب بمحافظة الغربية في مصر، وحفظ القرآن في صغره، ثم التحق بالأزهر حيث درس وتخرج في كلية أصول الدين، وتدرج حتى حصل على شهادة الدكتوراه. قضى معظم حياته متنقلًا بين العمل الأكاديمي والنشاط الديني والفكري.
اشتهر القرضاوي بآرائه الفقهية التي تسعى إلى تقديم فهم وسطي للإسلام، وشارك في تأسيس “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” وأصبح رئيسًا له، وكان له تأثير واسع في نشر الفكر الإسلامي الوسطي. ألف العديد من الكتب والمقالات التي تناقش قضايا إسلامية معاصرة، وقد تجاوزت مؤلفاته 170 كتابًا، منها الحلال والحرام في الإسلام، وفقه الزكاة، وفي فقه الأولويات، وهي كتب تجمع بين النظر الشرعي والتحليل الاجتماعي والفكري.
أثر القرضاوي في الكثير من القضايا الإسلامية المعاصرة، وتناولت كتبه وفتاواه موضوعات مثل الجهاد، والحريات، والشورى، والديمقراطية، والاقتصاد الإسلامي، وموقف الإسلام من القضايا الاجتماعية. تميز منهجه الفقهي بالمرونة، ودعا إلى الاجتهاد والتجديد لمواكبة العصر، محاولًا تقديم حلول لمشكلات المجتمعات الإسلامية بطريقة تتماشى مع العصر دون التفريط في الثوابت.
في الإعلام، قدم القرضاوي برنامج الشريعة والحياة على قناة الجزيرة، حيث كان يجيب عن أسئلة المشاهدين ويتناول قضايا اجتماعية ودينية حساسة، ما ساهم في انتشار أفكاره على نطاق واسع.
كان يوسف القرضاوي شخصية مؤثرة سواء في المجال الديني أو الفكري، وتوفي عام 2022 عن عمر يناهز 96 عامًا، تاركًا إرثًا من الكتب والأفكار التي أثرت في كثير من المسلمين حول العالم.
تمكن يوسف من حفظ القرآن وهو لم يتجاوز سن العاشرة من عمره، ودرس في الأزهر الشريف، وفي مرحلة الثانوية تمكن من الحصول على المركز الثاني على مصر، وبعدها ذهب إلى كلية أصول الدين في جامعة الأزهر وكان زملائة 180 طالب تمكن من الحصول على المركز الأول
ولقد حصل على دبلوم معهد الدراسات العربية العالمية في اللغة العربية وكان ذلك في سنة 1985، وحصل على الماجستير في سنة 1960، أما الدكتوراه فحصل عليها في 1973 ميلاديًا، وكان الرسالة تتحدث عن (( الزكاة وأثرها في حل المشاكل الاجتماعية)). توفي الشيخ القرضاوي عام 2022 شهر 10
اقوال يوسف القرضاوي
السعادة شيء ينبع من داخل الإنسان ولا يستورد من خارجه، وإذا كانت السعادة شجرة منبتها النفس البشرية والقلب الإنساني، فإن الإيمان بالله والدار الآخرة هو ماؤها.. وغذائها.. وهوائها.. وضياؤها
“إن طبيعة الإسلام أن يكون قائدا لا مقودا، وسيدا لا مسودا، لأنه كلمة الله، وكلمة الله هي العليا، ولهذا فهو يعلو ولا يُعلى. والعلمانية تريد من الإسلام أن يكون تابعا لها، يأتمر بأمرها وينتهي بنهيها، لا أن يأخذ موقعه الطبيعي والمنطقي التاريخي آمرا ناهيا حاكما هاديا. إنها تباركه وترضى عنه إذا بقى محصورا في الموالد والمآتم، في دنيا الدراويش والمجاذيب، في عالم الخرافة والأساطير. أما أن يتحرك ويُحرك ويوجه الشباب ويقود الجماهير ويفجر الطاقات ويضيء العقول ويلهب المشاعر ويصنع الأبطال ويربي الرجال ويضبط مسيرة المجتمع بالحق ويقيم بين الناس الموازين القسط ويوجه التشريع والثقافة والتربية والإعلام ويُعلِّم الناس أن يدعوا إلى الخير ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ويقاوموا الفساد والانحراف، فهذا ما لا ترضى عنه العلمانية بحال. تريد العلمانية من الإسلام أن يقنع بركن أو زاوية له في بعض جوانب الحياة، لا يتجاوزها ولا يتعداها، وهذا تفضل منها عليه، لأن الأصل أن تكون الحياة كلها لها بلا مزاحم أو شريك! فعلى الإسلام أن يقنع “بالحديث الديني” في الإذاعة أو التلفاز و”بالصفحة الدينية” في الصحيفة يوم الجمعة و”بحصة التربية الدينية” في برامج التعليم العام و”بقانون الأحوال الشخصية” في قوانين الدولة و”بالمسجد” في مؤسسات المجتمع و”بوزارة الأوقاف” في أجهزة الحكومة!”
“و الحاكمون غدا الكرسىُّ رَبَّهمُ // يقدِّمون له الأوطانَ قربانا”
“لبنات المجتمع هي أنا وأنت وهو وهي، فإذا صلحت أنفسنا صلح المجتمع كله، ومفتاح هذا الصلاح النفسي والخُلُقي شيء واحد هو الإيمان.”
“كل الأمور المادية تنقلب إلى ثقافة إذا ارتبطت
بقيمة و هدف نبيل و معايير و آداب ترقى بها
و تنقلها من المعنى الحيوني إلى الأفق الإنساني”
“وقد وضع محمد بن المختار الشنقيطي اثنتين وعشرين قاعدة علميّة، استنبطها من قراءته الواسعة ودراسته المستفيضة للموضوع من جميع جوانبه، ومن تأملاته العميقة، ومن موازناته المحايدة بين مختلف المواقف ومختلف اﻵراء والاحكام؛ مستفيداً مما كتبه الراسخون في العلم من أئمة الأمّة، الذين تميّزوا بالاعتدال وجمعوا بين صحيح المنقول وصريح المعقول، وبخاصّة شيخ الإسلام ابن تيمية الذي أكثر النقل عنه والتعويل عليه. وهو محق في ذلك، وإن كان قد أبدى بعض الملاحظات عليه، وليس في العلم كبير، وهو على كل حال بشر غير معصوم.”
“سعيد بن جبير: والله إن كل شهيد يسقط في سبيل الحق ليزلزل الأرض تحت أقدام الطغاة. وقد يبقى الطغيان حيناً من الدهر، ولكنه سيبقى مرتجف الأوصال محروماً من الأمن والطمأنينة وراحة البال.”
“المؤمنون لا يهبطون من السماء، ولكنهم يبنتون من الأرض. وهم ليسوا نبتاً برياً، يخرج بلا بذرة، وينمو بلا جهة،ويثمر بلا رعاية، بل هو نبت يحتاج إلى زرّاع صادقين صابرين، يتعهدونه في مراحل نمائه بالسقي والتسميد ومقاومة الآفات، حتى يستوي على سوقه، ويؤتي أكله بإذن ربه”
لا يسوغ في منطق أن تجادل في الفروع من لا يؤمن بالأصول، أو تقنع بالشريعة من ينكر العقيدة!
“يجب إخضاع الواقع للإسلام، لا إخضاع الإسلام للواقع.”
“يا ربِّ إن الـطُّغـاة استكـبروا وبغَـوا // بغـيَ الـذئـاب على قُطعـانِ حُمْلان
يا رب كـم يوسـفٍ فيـنـا نقـىِّ يـدٍ // دانـوه بالسجن والقـاضي هو الجانـي
يا رب كم من صبىٍّ صفَّـدوا فمـضى // يبكـي كضِفِـدعة فـي نـاب ثعبـان
يا رب كـم أسـرة باتـت مشــرَّدة // تشـكـو تجبُّـرَ فرعـون وهـامـان
يا رب رحماك ، أنجز ما وعدت به // و انصر ، فنصرك من أهل الهدى دان”
“لا يسوغ في منطق أن تجادل في الفروع من لا يؤمن بالأصول، أو تقنع بالشريعة من ينكر العقيدة!”
“المجدد الحقيقي هو الذي يجدد الدين بالدين وللدين وأما من يريد تجديد الدين من خارجه فهو ابعد ما يكون عن التجديد الحق”
“والإسلام يحترم غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، ويعتبرهم في ذمة الله وذمة رسوله وذمة المسلمين، أي في عهدهم وضمانهم، وهذا تعبير ديني يعني لدى المسلم: أنه يتعبد لله تعالى بالمحافظة عليهم والدفاع عنهم والبر لهم والإقساط إليهم. فإن كان التعبير يؤذيهم فليُترك حرصا على شعورهم، والعبرة بالمسميات لا بالأسماء. وقد غيّر عمر بن الخطاب ما هو أهم من ذلك حين طلب إليه نصارى بني تغلب من العرب أنهم يأنفون من كلمة “جزية” وأنهم يريدون أن يدفعوا كل ما يُطلب منهم وأكثر باسم “الصدقة” فقبل عمر منهم ذلك وقال: هؤلاء القوم حمقى، رضوا المعنى وأبَوْا الاسم!”
“السعادة شيء ينبع من داخل الإنسان ولا يستورد من خارجه، وإذا كانت السعادة شجرة منبتها النفس البشرية والقلب الإنساني، فإن الإيمان بالله والدار الآخرة هو ماؤها.. وغذائها.. وهوائها.. وضياؤها”
“يقول الفقيه الأصولي الحنبلي نجم الدين سليمان الطوفي في شرحه لحديث “لا ضرر ولا ضرار”:
ولا يقال إن الشرع أعلم بمصالحهم -مصالح العباد- فلتؤخذ من أدلته، لأنا نقول: قد قررنا أن رعاية المصلحة من أدلة الشرع، وهي أقواها وأخصها، فلنقدمها في في تحصيل المصالح، ثم إن هذا إنما يقال في العبادات، التي تُخفَى مصالحها عن مجاري العقول والعادات، أما مصلحة سياسة المكلفين في حقوقهم، فهي معلومة لهم بحكم العادة والعقل، فإذا رأينا دليل الشرع متقاعداً عن إفادتها، علمنا أنه أحالنا في تحصيلها على رعايتها”
يحكون عن شيخ المرسلين نوح عليه السلام: أنه جاءه ملَك الموت ليتوفاه بعد أكثر من ألف سنة عاشها قبل الطوفان وبعده فسأله: يا أطول الأنبياء عمراً كيف وجدت الدنيا؟ فقال: كدار لها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر!
إضاعة الوقت جريمة انتحار بطيء ترتكب على مرأى و مسمع من الناس و لا يعاقب عليها أحد ، فمن قتل وقته فقد قتل في الحقيقة نفسه
“ضع في يدي القيد ألهب أضلعي
بالسوط ضع عنقي على السكينلن تستطيع حصار فكري ساعة
أو محو إيماني و نور يقينيفالنور في قلبي و قلبي في يدي
ربي و ربي ناصري و معنيني”
“هناك فرق بين المسلم الذي يحمله الاسلام والمسلم الذي يحمل الاسلام ومسلمو اليوم يحملهم الاسلام عبئا فوق ظهره .والمسلم المنشود الذي يحمل فكرة واضحة في رأسه وعقيدة راسخه في قلبه وعبادة خالصه لربه وأخلاقا متكاملة في حياته.”
“فلماذا نقبل قوانين الله الكونية ولا نقبل قوانينه الشرعية؟! لماذا نقبل سنن الله في خلقه ونرفض سننه في أمره، وهو في كلا الحالتين: العليم الذي لا يجهل والحكيم الذي لا يعبث والحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم؟!”
“والإسلام يقيم الموازين القسط بين الفرد والمجتمع، فلا يعطي الفرد من الحقوق والحريات حتى يتضخم على حساب مصلحة المجموع كما فعلت الرأسمالية، ولا يعطي المجتمع من الصلاحيات والسلطات ما يجعله يطغى ويضغط على الفرد حتى يضمر وينكمش وتذبل حوافزه ومواهبه كما فعلت الشيوعية والاشتراكيات المتطرفة. وبهذا يحافظ الإسلام على حرية الوطن كما يرعى حرية المواطن. وهي حرية الفكر لا حرية الكفر، وحرية الضمير لا حرية الشهوة، وحرية الرأي لا حرية التشهير، وحرية الحقوق لا حرية الفسوق.”
“إن كثيرا من المشايخ أو العلماء يعيشون في الكتب ولا يعيشون في الواقع، بل هم غائبون عن فقه الواقع، أو قل: فقه الواقع غائب عنهم، لأنهم لم يقرؤوا كتاب الحياة كما قرؤوا كتب الأقدمين. ولهذا تأتي فتواهم وكأنها خارجة من المقابر!”
“دخل على أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ابنه المؤمن التقي عبد الملك، وقال له في حماس متوقد: يا أبت ما لك تبطيء في إنفاذ الأمور؟! فوالله ما أبالي لو غلبت بي وبك القدور في سبيل الله! فقال الأب الحكيم: يا بني إن الله ذم الخمر في آيتين وحرمها في الثالثة، وإني أخشى أن أحمل الناس على الحق جملة فيدفعوه جملة!”
“إن هذا المسلم الذي يقبل العلمانية أو يدعو إليها – وإن لم يكن ملحدا يجحد وجود الله تعالى وينكر الوحي والدار الآخرة – قد تنتهي به علمانيته إلى الكفر البواح والعياذ بالله إذا أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة مثل تحريم الربا أو الزنى أو شرب الخمر أو فرضية الزكاة أو إقامة الحدود أو غير ذلك من القطعيات التي أجمعت عليها الأمة وثبتت بالتواتر اليقيني الذي لا ريب فيه. بل إن العلماني الذي يرفض “مبدأ” تحكيم الشريعة من الأساس ليس له من الإسلام إلا اسمه، وهو مرتد عن الإسلام بيقين.”
“يحكون عن شيخ المرسلين نوح عليه السلام: أنه جاءه ملَك الموت ليتوفاه بعد أكثر من ألف سنة عاشها قبل الطوفان وبعده, فسأله: يا أطول الأنبياء عمراً, كيف وجدت الدنيا؟ فقال: كدار لها بابان, دخلت من أحدهما, وخرجت من الآخر!”
“ومما يؤسف له: أن كل جماعة تبدأ من الصفر، ولا تريد أن تأخذ العبرة من غيرها، وتجعل من تجاربها درسا لها، لا بد أن تجرب هي بنفسها، ثم بعد مدة من الزمن تعود إلى ما أنكرته من قبل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.”
“فلا ينبغي التركيز – إذن – على عبقرية فرد موهوب تبعثه العناية الإلهية ليملأ الأرض عدلا كما مُلئت ظلما وجورا، أو يجدد للناس دينهم الذين انحرفوا عن صراطه فقها أو عملا. وقد كتبتُ بحثا ضافيا في حديث أبي داود الذي يرِد على كثير من الألسنة والأقلام: “أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” وهو حديث صحيح، ولكن معظم الشراح مالوا إلى أن “مَن” في قوله “مَن يجدد” للمفرد، وظلوا يبحثون لكل مائة سنة عن مفرد علم مشهور بعلمه وفضله ليكون هو مجدد القرن. والذي انتهيت إليه أن “مَن” تصلح للجمع كما تصلح للمفرد، بل هي في الحديث أولى أن يراد بها الجمع، فليس بالضرورة أن يكون المجدد فردا واحدا، بل قد يكون جماعة لها كيانها الواحد – أو قد تكون متفرقة في البلدان – كل واحد فيها قائم على ثغرة يحرسها، في ميادين الفكر أو العمل أو الدعوة أو التربية أو الجهاد أو غيرها. وبهذا يكون سؤال المسلم: ما دوري في حركة التجديد؟ بدل أن يكون كل همه أن يسأل: متى يظهر المجدد؟”
“والـليثُ لن تحني الأقفـاصُ هامتَــه // وإن تحكَّـم فيـه ألـفُ سـجـَّـانِ”
“التدرج في تطبيق الشريعة ليس معناه تعطيل الحكم بالشريعة أو تعليقه إلى أجل غير مسمى، بل معناه وضع خطة محكمة ذات مراحل محددة للانتقال بالمجتمع من العلمانية إلى الإسلام، على أن تـُعطى الأولوية للجوانب التربوية والإعلامية والثقافية التي تعمل متضامنة متكاملة من أجل بناء الإنسان الذي ينشده الإسلام، وتهيئة المناخ اللازم لتطبيق سائر شرائع الإسلام بنجاح وتوفيق، وفي مقدمة ذلك إزالة الحواجز أمام الدعاة الصادقين للإسلام – أفرادا وجماعات – وتوفير ضمانات الحرية الضرورية لهم ليقوموا بواجبهم في الدعوة والتوعية والتربية والتكوين، وهذه من ألزم الأولويات. التدرج المطلوب هو الذي يضع نصب عينيه الهدف، ويحتال جاهدا للوصول إليه، فلا يمر يوم – كما أشار عمر بن عبد العزيز – إلا وهو يميت بدعة من بدع الجاهلية، ويحيي سنة من سنن الإسلام.”